السعودية تدخل مرحلة تنمية المجتمع رياضياً

ستكون أمام الرياضة السعودية مهمة جديدة مختلفة كلياً عن المهمات السابقة وهي جعل مجتمعها ممارس للرياضة كممارسة واقعية ونهج اعتيادي في الحياة، ليكون أشبه بالمجتمعات الأمريكية واليابانية والألمانية المتقدمة في هذا المجال.
 
وكانت اللجنة الأولمبية السعودية قد أعلنت، أمس، تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود رئيساً للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، حيث سيركز هذا الاتحاد على تنمية المجتمع رياضياً وجعله مجتمع يتمتع بالصحة ومتسلح بالثقافة الرياضية لكلا الجنسين مروراً بالأب والأم إلى الأطفال.
 
تأتي تلك الخطوة إتباعاً لخطة الحكومة السعودية الطموحة التي تحمل أسم (رؤية 2030) التي تستهدف لتطوير البلاد كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، وبروز خطة رياضية تحمل عنوان (داعم) التي شددت على ضرورة رفع معدل ممارسي الرياضة في المجتمع السعودي ذكوراً وإناثاً بكافة مجالاتها (كرة القدم والسلة والطائرة…إلخ) إلى مليون رياضي سعودي وسعودية بنسبة 40 في المائة خلال 15 عاماً المقبلة بدلاً من 13 في المائة الحالية.
 
وتذكر الرؤية التي نقلتها وكالة أنباء السعودية “واس” في العام الماضي: “أن النمط الصحي والمتوازن يعد من أهم مقومات جودة الحياة، غير أن الفرص المتاحة حالياً لممارسة النشاط الرياضي بانتظام لا ترتقي إلى تطلعاتنا، ولذلك سنقيم مزيداً من المرافق والمنشآت الرياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، وسيكون بمقدور الجميع ممارسة رياضتهم المفضلة في بيئة مثالية، كما سنشجع الرياضة بأنواعها من أجل تحقيق تميزٍ رياضي على الصعيدين المحلي والعالمي، والوصول إلى مراتب عالمية متقدمة في عدد منها”.
 
ستكون أمام الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية ثلاثة نماذج عالمية نجحت في جعل مجتمعاتها مجتمعات ممارسة للرياضة، لتنجح في أن تكون مجتمعاً صحياً يخلو من الأمراض بجانب نجاح منتخباتها الرياضية في تحقيق الألقاب الدولية، والنماذج هي:
 
تجربة اليابان 
 
منذ الستينات من القرن الماضي اعتمدت الحكومة اليابانية على خطة طموحة وهي جعل مجتمعها ممارساً للرياضية عبر الجهات الرسمية، كالمدارس والجامعات، والتي عملت بشكل مكثف في توعية الطلاب والطالبات وأيضاً عائلاتهم بأهمية التغذية الصحية وتكثيف الأنشطة الرياضية داخل المؤسسات وخارجها.
 
وبعد سنوات من تلك الخطة أصبح المجتمع الياباني مضرب للمثل بوسائل الإعلام العالمية، حيث طرحت قناة (إن بي سي الأمريكية) في أكتوبر 2015 موضوع حمل عنوان (كيف تمكن اليابانيين من إطالة أعمارهم؟)، حيث أجرى البرنامج دراسة معمقة لهذا الموضوع ليستخلص منها ستة أسباب يتحمل مسؤوليتها جهتين فقط وهما البيت والمدرسة، وهي:
 
اعتماد “البيت والمدرسة” على أطعمة تحتوي على سعرات حرارية قليلة للغاية، وتعليم الأطفال ضبط النفس أمام الأطعمة القادمة من المطاعم الأجنبية، والاعتماد على الأرز الخالي من الدهون، ورياضة المشي، واختيار الأطعمة الصحية كالخضار والفواكه في المناسبات، وتأسيس برنامج وجبة الغذاء المدرسية المعتمد من قبل وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم التقنية.
   
تجربة ألمانيا

بعكس اليابان التي تعتمد على الحكومة، تكفلت الأندية الألمانية بمختلف درجاتها بمهمة تنمية المجتمع رياضياً منذ القرن الماضي، على سبيل المثال ينظم أكبر الأندية الألمانية بايرن ميونخ المبادرات المجتمعية التي تجمع بين الرياضة والمسؤولية الاجتماعية.
 
وتركز الأندية الألمانية على تنمية الأطفال رياضياً كفريق بروسيا دورتموند الذي يمتلك قسم رسمي داخل مقر النادي يحمل أسم (نادي الأطفال) والذي يقيم العديد من المبادرات التعليمية والصحية والخيرية والرياضية والتي تأخذ الحيز الأكبر.
  
تجربة أمريكا
 
كان للشركات التجارية الكبرى في أمريكا اليد العليا في تنمية المجتمع الأمريكي رياضياً، لأن الشركات هي ذاتها ساهمت بشكل كبير في تنمية الأندية الرياضية بمختلف الرياضات وبميزانيات فلكية بالمقارنة مع ميزانيات الأندية الأوروبية والآسيوية.
 
فالأندية الرياضية في أمريكا، مثل لوس انجلوس جالكسي وشيكاجو فاير ونيويورك ريد بولز، تأسست وتطورت بقوة بفضل الشركات التي تتعاون معها في إقامة العديد من المبادرات المجتمعية، أي أن الشركة الراعية شريكة أساسية مع الأندية في تنمية المجتمع رياضياً.