استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني برعاية مصرية – قطرية – سعودية، وبحضور المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط. شارك الطرفان في مناقشات مكثفة استهدفت وقف إطلاق النار في غزة وفتح مسار سياسي يضمن تهدئة طويلة الأمد.
أكدت مصادر دبلوماسية أن مصر قادت جلسات الحوار بدعم من قطر والسعودية، بينما قدمت واشنطن مقترحات أمنية لتنظيم مراحل التنفيذ. وأوضح المبعوث الأمريكي أن بلاده تدعم أي اتفاق يحقق الاستقرار ويحافظ على أمن المدنيين من الجانبين.
واشنطن تنشر قوة مراقبة قرب حدود غزة
أعلنت الولايات المتحدة أنها ستنشر قوة عسكرية صغيرة قوامها 200 جندي بالقرب من الحدود الإسرائيلية – الغزية لمتابعة تطبيق بنود الاتفاق. وأوضحت واشنطن أن هذه القوة لن تدخل قطاع غزة ولن تشارك في أي اشتباكات.
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن القوات الأمريكية ستراقب وقف إطلاق النار وتساعد في تنسيق إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأكد أن وجودها يعكس التزام الولايات المتحدة بالاستقرار الإقليمي.
في المقابل، حذّر محللون من أن الوجود الأمريكي الميداني قد يثير حساسية سياسية لدى الفلسطينيين. ومع ذلك، رحب آخرون بهذه الخطوة باعتبارها ضمانة دولية للتنفيذ الفعلي للاتفاق.
مصر تفتح معبر رفح تدريجيًا
قررت مصر إعادة فتح معبر رفح تدريجيًا بعد التنسيق مع السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي. وبدأت فرق هندسية مصرية بإعادة تأهيل البنية التحتية للمعبر لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية.
كما اتفقت القاهرة مع الاتحاد الأوروبي على إعادة نشر بعثة EUBAM Rafah التي تولت مهمة المراقبة سابقًا. وبدأت فرق الأمم المتحدة تنظيم دخول الشحنات الطبية والغذائية عبر المعبر بشكل يومي.
وأوضح مصدر في وزارة الخارجية المصرية أن القاهرة ستواصل مراقبة حركة المعبر ميدانيًا، لضمان انسياب المساعدات ومنع أي عمليات تهريب. وأكد أن مصر تسعى لرفع المعاناة عن سكان غزة وتثبيت الهدنة على الأرض.
إسرائيل تنسحب نحو “الخط الأصفر”
نفذت إسرائيل انسحابات محدودة من شمال قطاع غزة بعد الاتفاق. وسحبت قواتها إلى مناطق تعرف باسم الخط الأصفر، وهي نقاط فصل مؤقتة تحدد نهاية التمدد العسكري داخل القطاع.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات أعادت انتشارها لتقليل الاحتكاك مع المدنيين. وسمحت السلطات الإسرائيلية لعدد من العائلات الفلسطينية بالعودة إلى منازلها في بعض المناطق التي خف فيها الوجود العسكري.
ورغم ذلك، أكد مسؤول فلسطيني أن الانسحاب لا يزال جزئيًا، إذ تحتفظ إسرائيل بوحدات في بعض المواقع الحساسة. وأشار إلى أن الجانب الفلسطيني يطالب بانسحاب كامل تمهيدًا لإطلاق مفاوضات الإعمار.
حماس ترفض تسليم سلاحها
أكدت حركة حماس خلال الجلسات أنها ترفض تسليم سلاحها، وتعتبره “حقًا مشروعًا للدفاع عن الشعب الفلسطيني”. في المقابل، تمسكت إسرائيل والولايات المتحدة بضرورة نزع السلاح لضمان الأمن الدائم.
ونقلت مصادر مطلعة أن الوسطاء اقترحوا تأجيل النقاش حول السلاح إلى مرحلة لاحقة لتجنب تعطيل الاتفاق. وأوضح المبعوث القطري أن الحل الأمثل يكمن في ربط ملف السلاح بخطة الإعمار والضمانات الأمنية.
وأشار خبراء إلى أن هذا الملف يشكل العقدة الأهم في مسار التفاوض، وقد يؤثر على استمرارية التهدئة في حال غياب تسوية مقبولة للطرفين.
هدنة هشة ومحاولات للتثبيت
أعلن الجيش الإسرائيلي بدء وقف إطلاق النار صباح الجمعة، بينما رصدت فرق المراقبة خروقات محدودة شمال غزة بعد ساعات من دخوله حيز التنفيذ. وردّت الفصائل الفلسطينية على هذه الخروقات بإطلاق تحذيرات ميدانية دون تصعيد شامل.
وأكدت مصر وقطر والسعودية استمرار جهودها لتثبيت الهدنة وتحويلها إلى اتفاق دائم. وأوضح بيان مشترك أن الدول الثلاث تعمل على ضمان التزام الأطراف كافة ببنود الاتفاق ومراقبة التنفيذ يوميًا.
وفي ختام المحادثات، شدد الوسطاء على أن شرم الشيخ قد وضعت الأساس لـ مرحلة جديدة من الحوار المباشر، وأن نجاح هذه الخطوة يعتمد على التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية بالاتفاق السياسي والأمني خلال الأسابيع المقبلة.

