لوكسمبورغ – تهتزّ وكالة الدعم والمشتريات التابعة لحلف شمال الأطلسي (NSPA) على وقع تحقيق دولي واسع في شبهات فساد ورشاوى مرتبطة بعقود تسليح، تتصدرها شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية الكبرى “إلبيت سيستمز”، التي تم تعليق تعاملها مع الوكالة مؤقتاً، وفق ما كشفت تقارير صحفية ووثائق داخلية حديثة.
وذكرت منصة التحقيقات الأوروبية Follow The Money أن NSPA قررت تعليق مشاركة “إلبيت سيستمز” في المناقصات الجديدة وتجميد عدد من عقودها القائمة بعد الاشتباه في دفع رشاوى لموظفين حاليين وسابقين في الوكالة مقابل تسريب معلومات سرية عن المناقصات وشروطها الفنية.
وبحسب تقارير صحفية أخرى استندت إلى مراسلات داخلية في الناتو مؤرخة في يوليو 2025، جرى تعليق 15 عقداً بانتظار نتائج التحقيقات، من بينها 13 عقداً مرتبطة بـ”إلبيت” أو شركتها الفرعية “أوريون أدفانسد سيستمز”، تقدَّر قيمتها الإجمالية بنحو 100 مليون يورو.
شبهات رشاوى وغسل أموال
يأتي التحقيق في إطار عملية عابرة للحدود تقودها سلطات قضائية في بلجيكا ولوكسمبورغ وإسبانيا وهولندا، بدعم من وكالة يوروچَست الأوروبية للتعاون القضائي، حيث يواجه عدد من موظفي NSPA الحاليين والسابقين تُهماً مرتبطة بـتسريب معلومات حساسة لشركات دفاعية، وتسهيل فوزها بعقود، مقابل رشاوى مرّت عبر شركات استشارات واجهة.
وفي هذا السياق، أفادت تقارير صحفية بأن مستشاراً عسكرياً سابقاً مرتبطاً بعقود “إلبيت” مع الناتو، وُضع تحت مذكرة توقيف دولية للاشتباه في تلقيه ما يقرب من مليوني يورو كعمولات غير مشروعة مقابل التأثير على صياغة أو شروط عقود تسليح داخل NSPA، وهي اتهامات ينفيها محاموه.
موقف الناتو والوكالة
حلف شمال الأطلسي أكد، عبر متحدثين رسميين، أن الوكالة تتعاون بشكل كامل مع السلطات القضائية وأنها بادرت بنفسها إلى إحالة بعض الشبهات إلى جهات التحقيق، مشدداً على أن الحلف يتبنى سياسة “عدم التسامح مطلقاً” مع ممارسات الفساد داخل هياكله.
من جانبها، لم تُصدر NSPA تفاصيل كاملة عن الشركات المستهدفة بالتحقيق، لكنها أشارت إلى أن تعليق العقود احترازي ومؤقت إلى حين اتضاح الحقائق أمام القضاء، وأنها تراجع آليات الرقابة الداخلية على عمليات الشراء والتعاقد لضمان الشفافية والنزاهة في المستقبل.
ردّ الشركة الإسرائيلية
شركة “إلبيت سيستمز” أكبر مُصنّع أسلحة في الكيان الإسرائيلي أكدت في تصريحات نُقلت عن متحدث باسمها أنها تلتزم بجميع القوانين والأنظمة الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد، وأنها لم تُبلَّغ حتى الآن بأي اتهامات جنائية مباشرة بحقها، مضيفة أنها تتعاون مع الجهات المعنية لتوضيح الملابسات وحماية سمعتها التجارية.
تداعيات سياسية واقتصادية
ويرى مراقبون أن هذه القضية قد تُلقي بظلالها على ثقة الدول الأعضاء في منظومة المشتريات المركزية للناتو، خاصة في ظل تضخم ميزانيات التسليح بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وزيادة الاعتماد على عقود عاجلة لتوفير الذخائر والطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع.
كما يتوقع محللون أن تؤثر التحقيقات إذا تأكدت الاتهامات على مستقبل عقود الشركة الإسرائيلية داخل أسواق الناتو والأوروبيين، في وقت تواجه فيه الصناعات الدفاعية ضغوطاً متزايدة لاعتماد معايير أعلى من الشفافية والامتثال القانوني.
وفي ظل استمرار التحقيقات وعدم صدور أحكام قضائية نهائية حتى الآن، تبقى جميع الأطراف من موظفي الوكالة إلى الشركة المعنية في دائرة الاشتباه لا الإدانة، بينما يترقب الرأي العام الأوروبي نتائج هذه القضية التي قد تتحول إلى واحدة من أبرز فضائح الفساد في تاريخ مشتريات الحلف العسكري.
اقرأ ايضًا:

