الجمعة - 2025/12/12 12:45:43 مساءً

NE

News Elementor

هذا الموقع بــرعاية

صفقة شرم الشيخ تكشف انقسام الحكومة الإسرائيلية وفرحة فلسطينية واسعة

بينما كان العالم يترقب نتائج مفاوضات شرم الشيخ، أُعلن رسميًا التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. هذا الاتفاق، رغم أنه منح الفلسطينيين بارقة أمل، إلا أنه في المقابل فجّر أزمة سياسية حادة داخل الحكومة الإسرائيلية، بعدما أعلن وزيران متشددان رفضهما العلني للصفقة وهددا بإسقاط الائتلاف الحاكم.

انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية

أبدى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اعتراضه الشديد على الاتفاق، مؤكدًا أنه سيصوّت ضده في الحكومة. ووصف الصفقة بأنها “تنازل خطير” على حساب أمن إسرائيل. وأضاف أن الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين يعني – بحسب تعبيره – “إطلاق الجيل القادم من قادة الإرهاب”.

علاوة على ذلك، عبّر سموتريتش عن اعتقاده أن الصفقة تُضعف الردع الإسرائيلي وتُعيد المقاومة إلى الميدان. وفي المقابل، رأى عدد من الوزراء أن الصفقة تمثل ضرورة إنسانية وسياسية لوقف نزيف الدماء المستمر منذ أشهر.

أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد اتخذ موقفًا أكثر تشددًا. لوّح بانسحاب حزبه من الائتلاف، وشبّه حركة حماس بـ”هتلر”، مؤكدًا رفضه لأي اتفاق يبقي على وجودها في غزة. ورغم ذلك، نجح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تمرير الاتفاق داخل الكابينت بفضل دعم أحزاب الوسط والمعارضة.

نتنياهو بين ضغوط الداخل وتحديات الخارج

واجه نتنياهو أصعب اختبار سياسي منذ بداية الحرب على غزة. فمن جهة، اضطر لمواجهة وزرائه المتشددين. ومن جهة أخرى، تلقى ضغوطًا أميركية ومصرية لإنهاء القتال وتخفيف الكارثة الإنسانية. لذلك، حاول تحقيق توازن دقيق بين المطالب الأمنية والضغوط الدبلوماسية.

في الوقت ذاته، اعتبر بعض المحللين أن تمرير الصفقة يعكس بداية تحول في الموقف الإسرائيلي الرسمي تجاه حماس. فمن الواضح أن تل أبيب لم تعد قادرة على تجاهلها كقوة مؤثرة في معادلة غزة.

نتيجةً لذلك، تسعى إسرائيل الآن لوقف الحرب بشروط تحفظ ماء وجهها أمام الداخل، دون أن تظهر بمظهر المتراجع أمام المقاومة.

الشارع الفلسطيني يحتفل

على الجانب الآخر، كان المشهد الفلسطيني مغايرًا تمامًا. فبينما انشغل الساسة في تل أبيب بالخلافات، كانت المخيمات والمدن الفلسطينية تضج بالفرح. انتشرت مشاهد الاحتفالات في غزة والضفة الغربية، بعد إعلان قرب الإفراج عن مئات الأسرى الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية.

بالإضافة إلى ذلك، اعتبر الأهالي الصفقة انتصارًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا. فمن وجهة نظرهم، صمود غزة أمام الحصار والقصف أثبت أن إرادة المقاومة أقوى من آلة الحرب. كما أن الاتفاق أعاد الأمل لعائلات الأسرى التي تنتظر لقاء الأحبة منذ عقود.

وفي هذا السياق، يرى محللون فلسطينيون أن نجاح المفاوضات بوساطة مصرية يعزز مكانة القاهرة كطرف ضامن وفاعل إقليمي رئيسي في ملفات السلام.

انقسام الرأي العام في إسرائيل

في إسرائيل، بدا المجتمع منقسمًا بوضوح. فمن ناحية، عبّرت عائلات الرهائن الإسرائيليين عن ارتياحها الكبير للاتفاق، معتبرة أنه خطوة طال انتظارها. لكن من ناحية أخرى، رأى معسكر اليمين المتطرف أن الصفقة تمثل تنازلًا خطيرًا يهدد “هيبة الدولة”.

على الرغم من ذلك، يعتقد مراقبون أن هذا الانقسام يعكس هشاشة المشهد السياسي في إسرائيل. فبينما تسعى الحكومة لتثبيت موقفها داخليًا، يواصل الشارع الضغط باتجاه حل إنساني للأزمة.

وبسبب هذه التناقضات، يجد نتنياهو نفسه في موقف دقيق، بين ضرورة الحفاظ على استقرار حكومته وتلبية مطالب المجتمع الدولي بإنهاء الحرب.

حل الدولتين يعود إلى الواجهة

مع عودة ملف غزة إلى طاولة المفاوضات الدولية، برز مجددًا الحديث عن حل الدولتين كطريق وحيد لإنهاء الصراع. فالكثير من الأصوات الدولية تؤكد أن أي هدنة أو صفقة تبادل لن تكون كافية ما لم تُترجم إلى مسار سياسي واضح يضمن العدالة.

علاوة على ذلك، يؤكد محللون أن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى انفجارات جديدة ما لم يُعالج جذور الصراع. لذلك، أصبح من الضروري إعادة إحياء مفاوضات الحل النهائي التي تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل.

وفي هذا الإطار، شدد خبراء سياسيون على أن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة ومصر والاتحاد الأوروبي، يتحمل مسؤولية دعم هذا المسار. كما أن المرحلة الحالية قد تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الثقة بين الجانبين.

آمال وتحديات

وبينما يحتفل الفلسطينيون بالاتفاق ويترقبون لحظة لقاء الأسرى بأسرهم، يأملون أن تكون هذه الخطوة بدايةً لحل سياسي دائم. فالشعب الفلسطيني، بعد سنوات من الحصار والمعاناة، يتطلع إلى مستقبل يضمن له الحرية والكرامة.

وفي المقابل، تدرك إسرائيل أن أي استقرار حقيقي لن يتحقق إلا بسلام عادل وشامل. وبالتالي، فإن طريق الأمن يمر عبر الاعتراف بالحقوق الفلسطينية لا عبر القوة وحدها.

نتيجةً لذلك، يرى كثيرون أن اتفاق شرم الشيخ يشكّل نقطة تحول قد تُعيد الأمل للمنطقة بأسرها، إذا توافرت الإرادة السياسية لتنفيذ بنوده.

برعايـــة

حقوق النشر محفوظة لـ أخبار الكويت © 2025
تم تصميمه و تطويره بواسطة

www.enogeek.com