أثارت سياسات الهجرة الأكثر تشدداً التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بدء ولايته الثانية جدلاً متصاعداً داخل المجتمع الأمريكي، وسط انتقادات قانونية وتحذيرات اقتصادية، رغم تأييدها من قاعدته السياسية ضمن حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» (MAGA).
وذكرت وكالة «شينخوا» في تقرير تحليلي أن الإدارة الأمريكية كثّفت بشكل غير مسبوق عمليات الاعتقال والترحيل بحق المهاجرين غير النظاميين، إلى جانب تشديد القيود على الهجرة القانونية عبر سلسلة من الإجراءات التنفيذية، ما ترك تأثيرات عميقة على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للولايات المتحدة.
وبينما يرى أنصار ترامب أن هذه السياسات تفي بوعوده الانتخابية وتستجيب لمخاوفهم من الهجرة، يرى معارضون أن الإجراءات الحكومية تفتقر إلى الضمانات القانونية الواجبة، وتجاوزت في بعض الحالات حدود القانون، وهو ما أدى إلى موجة طعون قضائية أمام المحاكم الفيدرالية.
وحذّر اقتصاديون من أن تقليص الهجرة قد يؤدي إلى نقص في الأيدي العاملة، لا سيما في قطاعات الزراعة والخدمات، ما قد يرفع التكاليف التشغيلية لبعض الصناعات، ويؤثر سلباً على نمو القوى العاملة وعلى القدرة الاقتصادية للبلاد على المدى الطويل.
تشدد غير مسبوق
ونقل التقرير عن معهد «سياسات الهجرة» الأمريكي قوله إن «أول 100 يوم من ولاية ترامب الثانية أعادت تشكيل نظام الهجرة الأمريكي بشكل جذري»، مشيراً إلى أن الإدارة أصدرت قرارات تنفيذية متعلقة بالهجرة بوتيرة تفوق بست مرات ما صدر خلال الفترة نفسها من الولاية الأولى لترامب.
ولم تقتصر الإجراءات على ترحيل المهاجرين غير النظاميين، بل شملت توسيع قيود السفر، وتشديد شروط تأشيرات العمل من نوع H-1B، وإلغاء وضع الحماية المؤقتة لمهاجرين من عدة دول، إضافة إلى محاولات لتقييد برنامج «داكا» الذي يحمي بعض المهاجرين الذين دخلوا البلاد وهم أطفال، فضلاً عن السعي للحد من مبدأ منح الجنسية بالولادة.
وفي 5 نوفمبر، نشر البيت الأبيض بياناً اعتبر فيه ملف الهجرة أحد أبرز إنجازات الإدارة، مشيراً إلى أنه تم اعتقال أكثر من 150 ألف مهاجر غير نظامي وترحيل أكثر من 139 ألفاً منذ تولي ترامب السلطة.
وخلال خطاب متلفز في وقت الذروة، أكد ترامب أنه نجح في تأمين الحدود الجنوبية، مدعياً أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الداخلين إلى البلاد تراجع إلى الصفر خلال الأشهر السبعة الماضية، مقارنة بفترة إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
ويرى محللون أن تشدد ترامب في ملف الهجرة يحمل أبعاداً سياسية واضحة، تهدف إلى الحفاظ على دعم قاعدته الانتخابية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الناخبين الجمهوريين والمؤيدين لحركة «ماغا» يدعمون السياسات الصارمة تجاه الهجرة، رغم الجدل القانوني والاقتصادي المتصاعد حولها.
اقرأ أيضًا:

