الخميس - 2025/12/11 10:23:18 مساءً

NE

News Elementor

هذا الموقع بــرعاية

حين يتحوّل المفهوم إلى سلاح، تشومسكي الصهيونية ومعاداة السامية في معركة كشف الحقيقة

في زمنٍ تتصارع فيه الروايات وتتنافس فيه القوى على تشكيل الوعي، يطفو على السطح أحد أخطر المفاهيم التي تم توظيفها سياسيًا وإعلاميًا: معاداة السامية. مفهومٌ تاريخيّ ثقيل، ارتبط بمآسٍ إنسانية حقيقية، لكنه تحوّل كما يصفه المفكر الأميركي اليهودي نعوم تشومسكي إلى درع سياسي تُحصّن به الحكومات الإسرائيلية نفسها من أي مساءلة أو نقد. إن رؤية تشومسكي الصهيونية ومعاداة السامية تقدم تحليلاً حاسماً لهذه الظاهرة.

1. الفصل بين الصهيونية واليهودية: قراءة تشومسكي 

تشومسكي، أحد أبرز العقول اليهودية في العصر الحديث، قدّم قراءة جريئة قلبت كثيرًا من المسلّمات المتداولة. فهو يرى أن انتقاد الصهيونية أو سياسات دولة إسرائيل لا يمسّ الهوية اليهودية، ولا يمثّل بأي شكل معاداة للسامية. الصهيونية في نظره مشروع سياسي ولد في القرن التاسع عشر. بينما اليهودية ديانة وهوية روحية وثقافية، ولا يجوز اختزالها في دولة أو أيديولوجيا.

2. التوظيف السياسي لمعاداة السامية وإسكات النقد 

ويشير تشومسكي إلى أن الخلط المتعمّد بين المفهومين ليس خطأ بريئًا. بل يرى أنه ممارسة مقصودة تهدف إلى إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل، سواء كانت عربية أو غربية بل حتى يهودية. لهذا السبب، أصبحت مسألة تشومسكي الصهيونية ومعاداة السامية محوراً للجدل. وقد تعرّض تشومسكي نفسه لهذه التهمة، رغم كونه يهودياً، لمجرد إعلانه مواقف نقدية تجاه سياسات الاحتلال. وهو يعلّق بسخرية:

  • “لقد اتُّهمت بمعاداة السامية… وأنا ابن أسرة يهودية منذ أجيال.”

هذا التوظيف السياسي، كما يحذر، يهدد قدرة العالم على مواجهة العنصرية الحقيقية ضد اليهود، لأن استخدام المصطلح في غير موضعه أفقده قوته الأخلاقية. كما حوّله إلى أداة جدلية بدلاً من كونه صرخة ضد الكراهية.

3. الإعلام الغربي حارس المشهد السياسي 

لكن وجه الخطورة لا يقف عند هذا الحد. فالإعلام الغربي لعب دورًا مركزيًا في إعادة تدوير هذا الخلط. حيث إن عدداً من غرف الأخبار الخاصة والعامة باتت تتعامل مع القضية الفلسطينية بحذر لغوي مفرط:

  • كلمة “احتلال” تُستبدل بعبارة “نزاع”.

  • وقتل المدنيين يصبح “اشتباكات”.

وهكذا تحوّل الإعلام إلى جزء من المشكلة، لا من حلّها، وهو ما دفع تشومسكي إلى وصف هذا الأداء بأنه “حراسة سياسية للمشهد”، أكثر منه التزاماً بالحقيقة.

4. السحر ينقلب: تحطم احتكارات المعلومة 

لكن… السحر بدأ ينقلب على الساحر. فخلافًا لما كان يحدث في العقود الماضية، لم تعد هذه الأدوات الخطابية فاعلة كما كانت. في الواقع، الجيل الجديد في الشرق والغرب أصبح أكثر وعيًا، وأكثر جرأة، وأكثر اطلاعًا على حقيقة ما يجري. ومع انفجار منصات التواصل الاجتماعي، تحطّمت الاحتكارات القديمة للمعلومة، وتراجع الدور المركزي للإعلام التقليدي.

الخلاصة: لقد حاولت بعض القوى الاحتفاظ بهيمنة خطابها عبر خلط المفاهيم. لكن الزمن تغيّر. واليوم، كما يقول تشومسكي، الحقيقة تسير بخطى ثابتة نحو العلن، ومعها تتهاوى أدوات التشويه القديمة. إن فهم تشومسكي الصهيونية ومعاداة السامية أصبح جزءاً من وعي جيل كامل لم يعد يقبل بالأجوبة الجاهزة.

أقرأ أيضا : 

خطة الدول العربية بشأن غزة: اسرائيل ترفض وحماس ترحّب

برعايـــة

حقوق النشر محفوظة لـ أخبار الكويت © 2025
تم تصميمه و تطويره بواسطة

www.enogeek.com