ستراسبورغ – دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ونظيرته الدنماركية ميتّه فريدريكسن إلى إصلاح واسع للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، محذرَين من أن تزايد الغضب الشعبي من سياسات الهجرة قد يفتح الباب أمام صعود أكبر لليمين الشعبوي في أوروبا إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
وجاءت الدعوة في مقال مشترك نُشر في صحيفة الغارديان البريطانية، في وقت يتوافد فيه وزراء العدل والمسؤولون من المجلس الأوروبي المكوَّن من 46 دولة إلى مدينة ستراسبورغ لبحث تحديث الاتفاقية التي يعود تاريخها إلى عام 1953.
وقال ستارمر وفريدريكسن:
“أفضل طريقة لمحاربة قوى الكراهية والانقسام هي أن تُظهر السياسة التقدمية السائدة قدرتها على حل المشكلة.”
الهجرة… محور الصراع السياسي في الغرب
تزايدت أعداد الوافدين إلى أوروبا خلال السنوات الأخيرة، هرباً من الفقر والاضطهاد، ما دفع حكومات عديدة إلى تبنّي سياسات أكثر تشدداً.
كما أدّى ذلك إلى صعود حركات يمينية شعبوية تستغل المخاوف من الهجرة لإعادة تشكيل الرأي العام.
ويوم الجمعة الماضي، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من “محو الهوية الثقافية الأوروبية” إذا لم تُحكِم دول الاتحاد سيطرتها على الحدود.
وفي مقالهم المشترك، أكد ستارمر وفريدريكسن أنهما سيواصلان “حماية الفارين من الحرب والإرهاب”، لكنهما شددا على أن “العالم قد تغيّر وأن أنظمة اللجوء يجب أن تتغير معه.”
المواد 3 و 8 في قلب الجدل
يركّز المقترح البريطاني–الدنماركي على تعديل المادتين 3 و 8 من الاتفاقية، واللتين تعدّان من أقوى الضمانات القانونية للاجئين:
• المادة 3: تمنع ترحيل أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.
• المادة 8: تضمن حق “الحياة الأسرية” بحيث تمنع ترحيل بعض المقيمين بسبب ارتباطهم الأسري في البلد المضيف.
ويرى ستارمر وفريدريكسن أن هذه المواد أصبحت تُستخدم لإعاقة عمليات الترحيل، داعيين إلى “تقييد تعريف الحياة الأسرية” وإعادة النظر في معايير “المعاملة اللاإنسانية”.
وجاء في مقالهما:
“لا يمكن أن يؤدي تفسير موسع لـ‘الحياة الأسرية’ إلى منع إبعاد أشخاص لا يملكون حق البقاء… ويجب أن يقتصر تعريف ‘المعاملة اللاإنسانية’ على أخطر الحالات فقط.”
انتقادات حقوقية ودعوات للحذر
واجه المقترح موجة اعتراض من منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أن تعديل المادة 3 قد يعرّض الفئات الأكثر ضعفاً للخطر إذا استغلّت حكومات أخرى أقل التزاماً بالمعايير الحقوقية هذا التغيير.
ووصف بعض المنتقدين في بريطانيا مقترحات ستارمر بأنها “مجاراة لخطاب اليمين المتطرف”.
وقال وزير العدل البريطاني ديفيد لامي في القمة:
“يجب أن نحقق توازناً دقيقاً بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة، وإلا سنخسر ثقة الناس في الاتفاقية وفي حقوق الإنسان نفسها.”
المجلس الأوروبي: إصلاح ضروري أم تهديد للقيم الأساسية؟
من جانبه، شدد الأمين العام للمجلس الأوروبي ألان بيرسيه على أن الاتفاقية “آخر خط دفاع عن الحقوق والحريات الفردية في القارة”، محذراً من أن مستقبل أوروبا مرتبط بمستقبل الاتفاقية نفسها.
ومن المتوقع أن تؤثر صياغة البيان الختامي للقمة بشكل كبير على كيفية تفسير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للاتفاقية مستقبلاً، سواء باتجاه التشدد أو إبقاء الوضع القانوني كما هو.
اقرأ ايضًا:

