تستعد وسائل الإعلام في إسرائيل لتغيّر كبير في طريقة التعامل مع الجمهور العربي. وكشفت صحيفة معاريف أن العقيد أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، يستعد للتقاعد بعد سنوات من النشاط الإعلامي المكثّف. ويُعرف أدرعي بأنه أحد أكثر الوجوه الإسرائيلية ظهورًا في الإعلام العربي خلال الحربين الأخيرتين على غزة ولبنان.
أولًا: أدرعي ومسيرته الإعلامية
بدأ أدرعي عمله الإعلامي منذ أكثر من عقد، واستطاع أن يرسّخ اسمه كوجه رسمي للجيش الإسرائيلي في العالم العربي.
خلال العامين الماضيين، ضاعف ظهوره الإعلامي عبر البيانات العسكرية الموجهة للجمهور العربي.
بالإضافة إلى ذلك، شارك في مقابلات تلفزيونية عديدة لتبرير سياسات إسرائيل العسكرية، مستخدمًا لغة عربية واضحة وأسلوبًا جدليًا.
كما ركّز في منشوراته على مخاطبة الشباب العربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقدّم نفسه كمصدر للمعلومات العسكرية، لكنه استخدم الخطاب الدعائي لتبرير المواقف الإسرائيلية.
ثانيًا: استراتيجية “الإعلام العملياتي”
اعتمد أدرعي على ما يسميه الجيش الإسرائيلي “الإعلام العملياتي”، أي استخدام الإعلام كجزء من الحرب.
فقد نشر خرائط وتحذيرات للسكان قبل القصف في غزة وجنوب لبنان، مؤكدًا أن الهدف منها حماية المدنيين.
لكن محللين عرب ردّوا على ذلك بقولهم إن تلك الرسائل تخدم الآلة العسكرية الإسرائيلية أكثر مما تحمي المدنيين.
علاوة على ذلك، استخدم أدرعي حساباته على “إكس” و”إنستغرام” لإطلاق حملات موجهة للعرب. وأثارت منشوراته تفاعلًا واسعًا بسبب لغته المستفزة وسعيه لتشكيل صورة ذهنية جديدة عن إسرائيل في الوعي العربي.
ثالثًا: مواقف الإعلام الإسرائيلي من القرار
تحدثت صحيفة معاريف عن تباين داخل الأوساط الإعلامية والعسكرية بشأن قرار التقاعد.
فبعض الصحفيين رأى أن أدرعي شكّل واجهة قوية للجيش في التواصل مع العرب.
في المقابل، اعتبر آخرون أن رحيله يفتح المجال لتجديد الخطاب الإعلامي وتبني نهج أكثر توازنًا.
كما أشار متحدثون عسكريون إلى أن الجيش يعمل حاليًا على إعادة هيكلة وحدة المتحدثين باللغة العربية. الهدف هو توزيع الأدوار بدلًا من الاعتماد على شخصية واحدة تهيمن على المشهد الإعلامي.
رابعًا: بداية مرحلة إعلامية جديدة
يتوقع مراقبون أن يشهد الخطاب الإسرائيلي الموجّه إلى العرب تحولًا ملحوظًا بعد مغادرة أدرعي.
فالجيش سيتجه إلى تقليل الحضور الفردي والتركيز على البيانات الرسمية بدلًا من الحملات الشخصية.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى الإعلام العبري إلى تحسين صورته أمام الجمهور العربي بعد الانتقادات التي طالت تغطيته للحرب على غزة.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة تمهّد لنهج أكثر مهنية، يعتمد على التواصل الهادئ والمعلومة الدقيقة بدلًا من الخطاب الاستفزازي الذي ميّز أدرعي.
خامسًا: نهاية حقبة إعلامية مثيرة للجدل
يمثل رحيل أدرعي عن منصبه نهاية مرحلة إعلامية فريدة في تاريخ الجيش الإسرائيلي.
فقد جمع بين الأدوار العسكرية والدعائية، واستغل الإعلام كأداة ضغط وتأثير في آن واحد.
ومع تقاعده، تبدأ إسرائيل صفحة جديدة من العمل الإعلامي تسعى من خلالها إلى استعادة التوازن في خطابها الخارجي وتطوير أدوات التواصل مع الشعوب العربية.

