في مقال رأي تحليلي، يطرح الكاتب إردام أوزان رؤية معمّقة لمفهوم الثقة باعتبارها بنية تحتية غير مرئية، لكنها لا تقل أهمية عن البنى التحتية التقليدية كالطرق والطاقة والاتصالات. ويرى أوزان أن أحداث عام 2025 كشفت بوضوح أن الثقة أصبحت عنصرًا حاسمًا في قدرة الدول والمؤسسات والمجتمعات على الصمود، واتخاذ القرار، وإدارة الأزمات، بل وحتى التخطيط للمستقبل.
ويشير الكاتب إلى أن عام 2025 شكّل اختبارًا قاسيًا للثقة على المستويات كافة، سواء بين الحكومات ومواطنيها، أو بين المؤسسات الاقتصادية والأسواق، أو حتى داخل المجتمعات نفسها. فقد أظهرت الأزمات المتلاحقة أن غياب الثقة يؤدي إلى تعطل القرارات، وتآكل الشرعية، وتراجع فعالية السياسات العامة، مهما كانت مدروسة من الناحية التقنية.
ويؤكد أوزان أن الثقة لم تعد مجرد قيمة أخلاقية أو اجتماعية، بل تحوّلت إلى أصل استراتيجي، تقوم عليه استدامة الأنظمة السياسية والاقتصادية. فالدول التي تمتعت بمستويات أعلى من الثقة نجحت في احتواء الأزمات بشكل أسرع، وفرضت إجراءات صعبة بقبول مجتمعي أوسع، بينما واجهت الدول التي تعاني من فجوة الثقة مقاومة داخلية وتباطؤًا في الاستجابة.
وفي تحليله لدروس 2025، يوضح الكاتب أن الثقة لا تُبنى بالخطاب وحده، بل عبر منظومة متكاملة تشمل الشفافية، والمساءلة، والعدالة، والالتزام بالوعود. كما يشدد على أن إدارة المعلومات، والتواصل الصادق مع الرأي العام، والاعتراف بالأخطاء، باتت عناصر أساسية في ترميم الثقة المفقودة.
وعند الانتقال إلى الحديث عن عام 2026، يرى أوزان أن تصميم المستقبل يجب أن ينطلق من إعادة بناء هذه البنية التحتية غير المرئية. فالتخطيط للعام الجديد لا ينبغي أن يقتصر على المؤشرات الاقتصادية أو المشاريع التكنولوجية، بل يجب أن يضع الثقة في صميم السياسات العامة، باعتبارها شرطًا مسبقًا لأي إصلاح حقيقي.
ويختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن المجتمعات التي تدرك قيمة الثقة وتستثمر في بنائها ستكون أكثر قدرة على مواجهة التحولات المقبلة. فالثقة، وفق رؤية أوزان، ليست ترفًا فكريًا، بل أساس لا غنى عنه للاستقرار، والتنمية، وصناعة مستقبل قابل للحياة.
اقرأ أيضًا:
تركيا تحبط مخططات لـ«داعش» وتقبض على أكثر من 100 عنصر في إسطنبول قبل رأس السنة

